للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وثمارُ تلكَ الشَّجرةِ حلاواتُ الطَّاعةِ، ولَذَاذاتُ (١) الخِدْمةِ.

ثمَّ الثِّمارُ تختلفُ في الطَّعمِ والطَّبعِ والرَّائحةِ والصُّورة، كذلكَ ثمراتُ الطَّاعاتِ، وهي المعاني الَّتي يجدُها العبدُ في قلبِهِ، وهي مختلفةٌ مِن حلاوةٍ يجدُها في الطَّاعةِ وهي صفةُ العابدِيْن، وبسطٍ يجدُهُ في وقتِهِ وهو صفة العارفِيْن، ولوعةٍ في ضميرِهِ وهي صفةُ المريدِيْن، وأُنْسٍ ينالُهُ في سِرِّهِ وهو صفة المحبِّيْن، وقلقٍ واهتياجٍ يجدُهُ ولا يعرفُ سببَهُ، ولا يجدُ سبيلًا إلى سكونِهِ، وهو صفةُ المشتاقِيْن، إلى ما لا يفي بشرحِهِ نُطْقٌ، ولا يستوفِيْهِ بيانٌ وذكرٌ؛ مِنْ لوائِحَ وبوائح، ولوامِعَ وطوالِع، وشوارِقَ وطوارِق.

ثمَّ هذه الشَّجرةُ تربو بالعناية، وتورقُ بالكفاية، وتتورَّد بالكلاءة، وتثمرُ بالرِّعاية.

ولا بُدَّ للشَّجرِ (٢) مِن ماءٍ، وماءُ هذه الشَّجرةِ ماءُ النَّدمِ والحياءِ، والتَّلهُّفِ والحسرةِ، والإنابةِ والخشوع، وإرسالِ الدُّموع.

ثمَّ ثمراتُ الأشجارِ في السَّنةِ مرَّةً، وثمراتُ هذه الشَّجرةِ في كلِّ لحظةٍ كذا وكذا مرَّةً، فهي كثمراتِ الجنَّةِ، لا مقطوعةٌ ولا ممنوعة، وكذا هذه اللَّطائفُ لا مقطوعةٌ ولا ممنوعة، وقلوبُ أهلِ الحقائقِ عنها لا مصروفةٌ ولا محجوبة (٣).

وقال أبو بكرٍ الورَّاق: المعرفةُ شجرةٌ في قلبِ المؤمنِ، لها سبعةُ غصونٍ:

غصنٌ ينتهي إلى قلبِه وثمرتُه: صحَّةُ الإرادات.

وغصنٌ ينتهي إلى لسانِه وثمرتُه: صِدْقُ المقالات.


(١) في (أ): "ولذات".
(٢) في (ر) و (ف): "ولا بد لهذه الشجرة". وفي "اللطائف": (ثم لا بد للشجرة).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" للقشيري (٢/ ٢٤٨ - ٢٤٩).