للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أشفقَ المشركون، فانتظروا قربَ السَّاعة، فلمَّا امتدَّت الأيَّامُ قالوا: يا محمَّد، ما نرى شيئًا ممَّا تخوِّفنا به، فنزلَتْ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: ١]، فقالوا: يا محمَّد، أينَ ما تعدُنا به مِن نزول (١) العذاب؟ فنزلَتْ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}، فوثَبَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حذرًا مِن وقوعِ السَّاعة، فنزلَ: {فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} فاطمأنَّ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).

وقال مقاتل بن حيَّان: لَمَّا أخبرَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المشركين بالسَّاعة كذَّبوا بها، فأنزل اللَّه تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}، فقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عندَ ذلك: "بُعِثْتُ أنا والسَّاعة كهاتَيْن، إنْ (٣) كادَتْ لتسبقني"، وأشار بأصبعيه (٤).

وقال ابنُ جريجٍ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}؛ أي: السَّيف والأمر بالقتال (٥).

وقال الضَّحَّاك: يعني ما كانوا يستعجلون به من الفرائض والشَّرائع (٦).


(١) "نزول" ليس في (أ) و (ف).
(٢) ذكر نحوه السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ٢٦٥)، والثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٥)، وانظر: "تنوير المقباس" للفيروزآبادي (ص: ٢٢١).
(٣) في (ف): "أو".
(٤) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ٤٤٧)، والثعلبي في "تفسيره" (٦/ ٦) تتمة لحديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما السابق.
وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بعثت أنا والساعة كهاتين" رواه البخاري (٦٥٠٣)، ومسلم (٢٩٥٠) من حديث سهل بن سعد رضي اللَّه عنه.
(٥) ذكره الماوردي في "تفسيره" (٣/ ١٧٨).
(٦) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ١٥٨)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٧/ ٢٢٧٦). قال ابن كثير عند هذه الآية: وقد ذهب الضحاك في تفسير هذه الآية إلى قول عجيب، فقال في قوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}؛ أي: فرائضه وحدوده، وقد ردَّه ابن جرير فقال: لا نعلم أحدًا استعجل الفرائض والشرائع قبل وجودها، بخلاف العذاب فإنهم استعجلوه قبل كونه استبعادًا وتكذيبًا.