وقوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ}: هو للجنس، فيقع على كلِّ البحار.
{لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا}: أي: السَّمكَ بالاصطياد {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ}؛ أي: ولتستخرجوا منه بالغَوص {حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}؛ أي: اللَّآلئَ والمرجان، تجعلونها في حليِّ الذَّهب والفضَّة، فتتزيَّنون بها.
{وَتَرَى الْفُلْكَ}: أي: السُّفن {مَوَاخِرَ فِيهِ}: جمع ماخرة، يقال: مَخَرَ مخرًا، مِن حدِّ دخل وصنع؛ أي: جرى بشقِّ الماء مع صوت.
{وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}: تركبونها في الأسفار للتِّجارات.
{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}: أي: ولتشكروا اللَّهَ على هذه النِّعم.
وتسخيرُ البحر: تذليلُه على ما هو عليه مِن كثرة الماء المحتمِل للسُّفن الثِّقال التي كأنَّها الجبال، تُشحَن بأنواعِ الأحمال، فتجري فيه بالرِّياح وبالآلات التي ألهمنا اللَّهُ اتخاذَها، وعلمنا وجوه إجرائِها، وفيه قطعُ المسافات البعيدة في المدَّة اليسيرة، فتقطع المسافات، وتحمل الحمولات في الماء بالسُّفن، وفي البرِّ بالدَّواب، ومنَّ بهذه كما منَّ (١) بتلك فيما تقدَّم: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}.
وفي الآيةِ دلالةُ إباحةِ التِّجارة، وطلبِ الفضل بركوب الأخطار واحتمالِ الشَّدائد.