للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال قتادة: إنَّما جعل اللَّهُ النُّجوم لثلاثةٍ: لتكون زينةً للسماء، ومعالمَ للطُّرق، ورجومًا للشياطين، فمَن قال غير هذا فقد أخطأ رأيه (١).

* * *

(١٧) - {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}.

وقوله تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ}: استفهامٌ بمعنى الإنكار.

ومعناه: أيستوي مَن يَخلق ومَن لا يَخلق؟

وأرادَ به الأصنام، وإنَّما قال: {كَمَنْ}، ولم يقلْ: (كما) وهي جماد؛ لأنَّه ذكرَ فعْلَ الخلْقِ، وهو ممَّن يَعلَم، ولأنَّ (مَن) بمعنى (ما) موجودٌ في القرآن: {فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ} [النور: ٤٥].

وقوله تعالى: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} بعقولِكم أنَّه لا يجوز أنْ يُسَوَّى بين القادر والعاجز والخالقِ والمخلوق في العبادة.

* * *

(١٨) - {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}.

وقوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}: أي: لا تُطيقوا عدَّها، وأداءَ حقِّها.

ذكر ما مضى من الآيات في بيان قدرته ونعمته، ثم أنكر على الكفَّار إشراكَهم باللَّهِ العاجزَ، وبيَّنَ بهذه الآية عجزَهم عن شكرِ نعمتِه، بل عن عدِّ نعمه.

وقوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ}: ساترٌ للذُّنوب، يمهلُكم ولا يعاجلكم {رَحِيمٌ} يكتفي منكم من الشُّكر بقَدْر وُسعكم، ويرضى بيسير الشُّكر على كثير النِّعم.


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ١٩٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٢٩١٣).