للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: ١٢٤ - ١٢٥]، وذلك على وجه التسبُّب (١)؛ أي: صارت الآيةُ سببًا لزيادة يقينِ هؤلاء ولزيادةِ شكِّ هؤلاء، وهو كقوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا} [فاطر: ٤٢]، وقال: {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} [نوح: ٦].

ومن العجَبِ ازديادُ شكِّهم بالآيات النيِّرة، واضطرابُ قلوبهم مع الدلائلِ البيِّنة (٢)!

لكنَّ الشمسَ تزيدُ عليلَ العين علةً، والماءَ يزيدُ الحجرَ الصُّلبَ صلابةً، هم قومٌ زادهم القرآنُ الذي أنزل شفاءً ورحمةً في القلوب علةً ومرضًا.

وقيل: كانت زيادةُ مرضهم بإنزال الفرائض والحدود، فقد كان يَشُقُّ عليهم التكلُّم (٣) بالشهادة، فكيف وقد لحقَتْهم الزيادة (٤)؟ وهي وظائفُ العباداتِ ثم العقوباتُ على الجنايات، فازدادوا بذلك اضطرابًا على اضطراب، وارتيابًا على ارتياب، ويزدادون بذلك في الآخرة عذابًا على عذاب، قال تعالى: {زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ} [النحل: ٨٨] والمؤمنون لهم في الدنيا ما قال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: ٧٦]، وفي العُقبى ما قال: {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٨].

وقوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: هذا (٥) في العُقبى، والأولُ في الدنيا، والألمُ في اللغة: الوجع، والأليم: الوجيع، وهو بمعنى: المؤلم؛ أي: المُوجِع، كما يقال: السميعُ بمعنى المسمِع، قال الشاعر:


(١) في (أ): "التسبيب".
(٢) في (ف): "السنية".
(٣) بعدها في هامش (ر): "بكلمة".
(٤) في (أ): "لحقهم الزيادات"، وفي (ف): "لحقتهم الزيادات".
(٥) في (أ): "وهذا".