وقوله:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ}: ومن النِّعمِ التي عدَّها هذا، وقوله:{أَخْرَجَكُمْ} إثبات عجزنا في الابتداء؛ يعني: لم تكونوا قادرين بأنفسكم على الخروج فأنا أخرجتُكم.
{لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا}: فأنا علَّمتكم، وقولُه:{وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}[البلد: ١٠]، قيل: هو الهداية إلى رضاع الثَّديين.
وقوله تعالى:{وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}: راجعٌ إلى هذا؛ أي: جعل لكم آلات العلم والفهم.
وفي إثباتِ السَّمع إثباتُ النُّطق؛ لأنَّ مَن لم يسمَع لا يقدر على أن يتكلَّم.
يقول: خلقَكم وأعطاكم هذه الأعضاء السَّليمة، وأودعَها هذه المعانيَ؛ ليكلِّفَكم شكرَه بما أعطاكم، ويتعبَّدكم بشرائِعِه لتشكروا له على صنائعه.
وقال القشيريُّ رحمه اللَّه: جعلْتُ لكم السَّمع لتسمعوا خطابي، والأبصار لتعتبروا بأفعالي، والأفئدة لتعرفوا حقِّي، ثم تشكروا عظيم إنعامي بما أُنعمُ عليكم مِن هذه الحواسِّ (١).