للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٩٦) - {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.

وقوله تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ}: أي: يفنى {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}: لا يفنى، فلا تنقضوا العهد واليمين طمعًا في المال الذي عندكم وهو ممَّا يفنى، فيفوتَكم الثَّوابُ الذي عند اللَّه تعالى وهو باقٍ.

{وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا}: على حفظ العهد واليمين، وتَحَمُّلِ المشقَّة والفاقة.

{أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}: أي: بأحسنِ أعمالِهم التي كانوا يعملونها في الدُّنيا، وهي ما عملوه في حال إسلامِهم، فإذا جزاهم بها (١) الجنَّة، فلا شكَّ أنَّه قد غفر لهم ما كان منهم من الشِّرك، ومن الذُّنوب في الإسلام.

وقيل: نزلَتْ الآيةُ في عَيدان بن الأشوع (٢) الحضرمي، وامرئ القيس الكندي (٣)، وقد ذكرنا ذلك في (سورة آل عمران) (٤).

وقال القشيريُّ: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ}: ما كان عندكم أو منكم أو بكم فأفعالٌ معلولة، وأحوالٌ مدخولة، {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ} فثوابٌ مقيم، ونعيمٌ عظيم، ما منكم من


(١) في (ف): "فإذا جازاهم به" وفي (ر): "فإذا جازاهم به في".
(٢) في (ر) و (ف): "عبدان بن الأسود"، والصواب المثبت، وقد تقدمت قصته وتحقيق اسمه عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية [آل عمران: ٧٧].
(٣) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٢/ ٢٨٩) عن الكلبي، وذكره الجرجاني في "درج الدرر" (٢/ ١٩٣ - ١٩٤) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ٤٨٧) من طريق أبي صالح عن ابن عباس، فهو مما روي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وهذا إسناد ضعيف جدًّا لا يحتج بمثله.
(٤) انظر ما تقدم عند تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية [آل عمران: ٧٧].