للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}: أي: بل يتمُّ (١) لها جزاء ما كسبَتْ، وهم لا يُعاقَبون بغير ذنبٍ.

وقيل: معنى قوله: {تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا}؛ أي: لا تتفرَّغ للجدال عن غيرها، ولا للشَّفاعة له، {تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨١] من خيرٍ وشرٍّ، وهم لا ينقصون من جزائِهم شيئًا.

وفي "تفسير أبي القاسم بن حبيب": أنَّ إحدى النَّفسَين في هذه الآية الرُّوح، قال: إنَّ النَّفس والرُّوح يجيئان يوم القيامة بين يدي اللَّه تعالى فيختصمان، فتقول النَّفسُ للرُّوح: كنْتُ كالثَّوب المُلْقَى ما لم تدخل فيَّ، لم اقترف ذنبًا. وتقول الرُّوح للنَّفس: كنْتُ مخلوقةً قبلَكِ بدهورٍ، لم أدرِ ما الذَّنب إلى أن دخلْتُ فيك.

فتورَّكُ كلُّ واحدةٍ منهما على صاحبتها (٢)، فيمثِّلُ اللَّهُ لهما أعمى ومقعدًا، وكَرْمًا على جداره عنب، والنَّاس ينظرون، فيقولون لهما: مُرَّا فاقتطفا من هذا العنب، فيقول الأعمى: أنا لا أبصره، ويقول المقعد: لا رِجلَ لي فأمشيَ إليه، فيقال للمقعد: اركبْ على عاتق الأعمى، فيحملُه الأعمى حتى يقتطفَ المقعدُ العنبَ.

فيقول اللَّه لهما: هذا مَثَلكما جميعًا (٣)، فكما صار العنب مقطوفًا بهما جميعًا، فكذلك الذَّنب صار موجودًا منكما جميعًا. وقد روي معنى هذا الخبر (٤).

* * *


(١) في (ر): "يتمم".
(٢) في (ر) و (ف): "فيرد كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه".
(٣) "جميعًا" ليس في (أ).
(٤) رواه ابن أبي عمر العدني في "الإيمان" (٧١) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما بنحوه موقوفًا.