وقوله تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ} وهو مِن أجلِّ النِّعم؛ لأنَّهم قد عرفوا مَولِدَهُ ومنشأَه وهديَه وأمانتَه، فيكون أقربَ لهم إلى تصديقِه والاهتداءِ به، فلم يعرفوا حقَّ هذه النعمة {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ} في الدُّنيا {وَهُمْ ظَالِمُونَ} أنفسَهم، جائرون عليها.
وقيل: في ضرب المثل بمكَّة عبرةٌ لغيرها من البلاد التي يسلكُ أهلُها طريقَهم في الكفر وتكذيب النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.
يقول: لَمَّا تلقَّى أهلُ مكَّةَ نعمَ اللَّه تعالى بالكفر امتُحِنوا بالجوع والخوف، مع محلِّهم من المجاورة ببيت اللَّه وعمارة مسجده وغير ذلك، فغيرُهم ممَّن لا حرمةَ لهم كحرمة أهلِ مكَّة أولى بذلك.