للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ميعادٍ سبَق ولا استعدادٍ تَقدَّم؛ لكونه مرضيًّا بغير تصنُّعٍ، وهذه غايةُ حال المحبوب، وكان مجيءُ موسى للميقات بعد أربعين ليلة ليتصنَّع لذلك (١).

وقال: ولمَّا خُص بقيام الليل بقوله: {فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: ٧٩] أُكرم بالمعراج خصوصًا بالليل.

وقال: أرسله بالحق إلى أهل الأرض ليَتعلَّموا منه العبادة، ثم رقَّاه إلى (٢) السماء ليتعلَّم الملائكة منه آداب العبادة، قال تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} [النجم: ١٧] ما طمعَ في مقام، ولا نظرَ إلى إكرام، بل تجرَّد (٣) عن كلِّ طلبٍ وأَرَب.

وقال: {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا} [الإسراء: ١] أراه في تلك الليلة ما عرَف به [صلوات اللَّه عليه] أنه ليس [أحدٌ] من الخلائق مثلَه -صلى اللَّه عليه وسلم- في علوِّ حالته وجلالِ رتبته (٤).

* * *

(٢) - {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا}.

وقوله تعالى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ}: أي: التوراةَ {وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ}؛ أي: وجعلنا موسى، ويحتمِل الكتابَ هاديًا؛ أي: دليلًا وداعيًا إلى الحق والصواب؛ أي: أعطينا موسى الكتاب حين جاء لميقاتنا وأسرينا بمحمد وأريناه آياتنا.


(١) في (ر): "ليصطنع كذلك"، وفي (ف): "ليتصنع كذلك"، وليست العبارة في "اللطائف".
(٢) بعدها في (ف): "أهل".
(٣) في (ر) و (ف): "تحرز".
(٤) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٣٣ - ٣٣٤)، وما بين معكوفتين منه.