للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الحسين بن الفضل: أي: فلها ربٌّ يغفر لها، قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن العبد إذا أذنبَ فقال: ربِّ اغفر لي، قال اللَّه تعالى: عَلِم عبدي أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرتُ له" (١).

وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما في قوله: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} قال: وإنْ عدتُم إلى المعصية عُدنا إلى المغفرة (٢).

وقيل على هذا: إن عُدتُم إلى الدعوى عُدنا إلى الإجابة، وإن عُدتُم إلى السؤال عُدنا إلى النَّوال، وإن عُدتُم إلى المعذرة عدنا إلى المغفرة، وإن عُدتُم إلى التنصُّل عُدنا إلى التفضُّل، وإن عُدتُم إلى الاعتراف عدنا إلى غفران الاقتراف.

وقال القشيري: إن عدتُم إلى ما يليق بكم عُدْنا إلى ما يليق بكرَمنا (٣): {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: ٨٤].

وكأنه خطر على قلب العاصي أنه إذا غُفر للعصاة فمَن يكون في جهنم؟ فقال: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} والجنةَ للمؤمنين مصيرًا.

* * *


(١) رواه البخاري (٧٥٠٧) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه، وفيه: ". . . أَعَلِمَ عبدي. . . ".
(٢) لم أقف عليه، ولعل الصواب: (إلى العقوبة)، كما هو لفظه في "تفسير الثعلبي" (٦/ ٨٦)، وكذا يفهم مما رواه الطبري في "تفسيره" (١٤/ ٥٠٥ - ٥٠٦) عنه، ولفظه: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} قال: (عادوا فعاد، ثم عادوا فعاد. قال: فسلَّط اللَّه عليهم ثلاثة ملوك من ملوك فارس: سندبادان وشهربادان وآخر)، وفي رواية ثانية: (فعادوا فسلَّط اللَّه عليهم المؤمنين). ونحوه في "النكت والعيون" (٣/ ٢٣١): (إن عدتم إلى الإساءة عدنا إلى الانتقام، فعادوا، قال ابن عباس وقتادة: فبعث اللَّه عليهم المؤمنين يذلونهم بالجزية والمحاربة إلى يوم القيامة).
(٣) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٣٧).