للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٤٨) - {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا}.

وقوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ}: أي: العجبُ منهم كيف وضعوا لك الأشباه والأوصاف يُسمُّونك بكلِّ اسم سوء.

{فَضَلُّوا} سبيلَ الاحتيال عليك، وتحيَّروا في وجه (١) صدِّ الناس عنك.

وقوله تعالى: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا}: فما يجدون إلى شيءٍ من ذلك سبيلًا.

وقيل في نزوله: إن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر عليَّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه أن يتخذ لأبي جهل، وأبي البَخْتري بن عمرو بن هشام، وزمعةَ بنِ الأسود، وحويطبِ بن عبد العزَّى -لعنهم اللَّه تعالى- طعامًا فيدعوَهم إليه، ففعل، فدخل عليهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "قولوا: لا إله إلا اللَّه لتطيعكم العرب وتَدينَ لكم العجم"، فخرجوا، فقال النضر بن الحارث: ما أرى محمدًا يقول شيئًا إلا أنه يحرك شفتيه. فقال أبو جهل لعنه اللَّه: هو مجنون، وقال حُويطبٌ: هو كاهن، وقال زمعةُ: هو شاعر، ثم أتوا الوليد بن المغيرة فشاوَروه في أمره، فقال: هو ساحر، فأنزل اللَّه تعالى: {نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} (٢) حين تدعوهم إلى الشهادة، وقوله تعالى: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى}؛ أي: وإذ هم متناجون إليك.

وقيل: (إذ) للحين، وهما حينان لأمرين مختلفَين: الاستماع إذا حضروا، والتَّناجي إذا تفرَّقوا.

* * *

(٤٩) - {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا}.


(١) في (أ): "وجوه".
(٢) ذكره أبو الليث في "تفسيره" (٢/ ٣١٤) عن الكلبي دون ذكر علي رضي اللَّه عنه.