للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن مسعودٍ وابن عباسٍ رضي اللَّه عنهم في روايةٍ، ومجاهد وقتادة والربيع والسُّديُّ: إنها في المنافقين (١).

وتفسيرها على هذا القول: وإذا قيل للمنافقين: آمِنوا بالقلوبِ مع إيمانكم بالألسنةِ كما آمن أصحابُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ {قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ}؛ أي (٢): هؤلاء الصحابةُ الذين لا يعلمون شيئًا؟

فعلى التفسير الأول: كان قولهم هذا جهرةً (٣)؛ لأنهم كانوا مُصرِّين على اليهودية ظاهرين، وبالكفر (٤) مجاهِرِين.

وعلى التفسير الثاني: كان المنافقون لعنهم اللَّه يتكلَّمون بهذا الكلام في أنفسهم دون أنْ ينطقوا به بألسنتهم، لكنْ هَتَكَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ أستارَهم وأظهرَ أسرارَهم؛ عقوبةً لهم على عداوتهم، وهذا كما أظهر ما أضمرَه أهلُ الإخلاص من الكلام الحسَن وإنْ لم يتكلَّموا به بالألسنة (٥)؛ تحقيقًا لولايتهم، قال اللَّه تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: ٧] إلى أنْ قال: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} [الإنسان: ٩]، وكان هذا في قلوبهم، فأظهره اللَّه تعالى تشريفًا لهم وتشهيرًا لحالهم.

وفي الآية بيانُ رسالة النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو أنه أَخبر بما في قلوب المنافقين بإخبار ربِّ العالمين على مامرَّ.


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١/ ٢٠٣) عن ابن مسعودٍ وابن عباسٍ والرَّبيع والسُّدَي. وانظر: "النكت والعيون" للماوردي (١/ ٧٥).
(٢) " {السُّفَهَاءُ} أي" ليست في (ر) و (ف).
(٣) في (ر) و (ف): "جهرًا".
(٤) في (أ): "بالكفر".
(٥) في (أ) و (ف): "بالألسن".