للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيحتمِل أن تكون هذه الآيةُ أمرًا له أن يقول هذا إذا دخل مكة، وفيه تحقيقٌ للبشارة بالفتح، وهذا التأويل أقربُ للنظم والاتِّصال بقوله: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا}.

وفيه أقاويلُ أُخَرُ:

قيل: معناه: أَمِتْني إماتةَ صدق وابعثْني يومَ القيامة مَبعثَ صدق، فيتصل بقوله: {مَقَامًا مَحْمُودًا} ويكون الإدخالُ في القبر والإخراج منه.

وقيل: أي: أدخلني في الأمر الذي أكرمْتَني به من النبوة ما دمتُ حيًّا مدخل صدق، وأخرجني منه إذا أمتَّني مُخرج صدق، وهذا معنى قول مجاهد (١).

وقال القشيري رحمه اللَّه: {أَدْخِلْنِي} في طاعتك {مُدْخَلَ صِدْقٍ} على رؤية المنَّة {وَأَخْرِجْنِي} منها {مُخْرَجَ صِدْقٍ} على رؤية التبرِّي من الحول والقوة.

وقيل: إدخال الصدق أن يكون دخوله في الأشياء باللَّه للَّه لا لغيره، وإخراجُ الصدق أن يكون خروجه عن الأشياء باللَّه للَّه لا لغيره.

{وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} حتى لا ألاحظ دخولي ولا خروجي.

والحقُّ ما كان للَّه تعالى والباطلُ ما كان لغيره.

والحق من الخواطر ما دعا إلى اللَّه والباطلُ ما دعا إلى غير اللَّه (٢).

* * *

(٨٢) - {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}.


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٥٦).
(٢) انظر: "لطائف الإشارات" (٢/ ٣٦٥).