للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي}: أي: تنزيهًا لربي أن يعجز عن شيء من هذا {هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا} والبشريةُ لا تقتضي القدرة على هذه الأشياء من غيرِ إقدارِ اللَّه تعالى عليه، والرسالةُ لا تقتضي الإتيانَ بها لا محالة، فإنه أرسل الرسل وما أَتَى كلُّ رسولٍ بهذه الأشياء.

وقيل: أنا رسولٌ ولستُ بملَكٍ لأُزخرفَ (١) البيوت وأغرسَ الجنان، إنما أنا رسول إليكم أبلِّغكم رسالات ربي.

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: طلبَ هذه الأمورَ من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جماعة من قريش، وهم: عتبةُ بن ربيعةَ، وشيبةُ بن ربيعةَ، وأبو سفيان، والأسوَدُ بن المطلب بن أسد، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة، وأبو جهل، وعبد اللَّه بن [أبي] أمية، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيهٌ ومنبِّهٌ ابنا الحجَّاج السُّلَميان (٢).

وقيل: أجابهم عن هذا في سورة الأنعام: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ} الآية [الأنعام: ١١١]، وإنما لم يُعطهم ذلك لأن ما جاء به الرسول من الآيات كانت أدلةً لا شبهةَ فيها، فلم يكن لهم إنكارُها مع وضوحها، فكان طلبُ غيرها من الآيات تعنُّتًا، فلم يستحقُّوا أن يُجابوا عنها.

وقيل: قوله: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا}؛ أي: أمرُها إلى الذي أرسلني، وهو أعلم بالتدبير وبما ينصبه (٣) من الدليل.

* * *

(٩٤) - {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا}.


(١) في (أ): "فأزخرف" وفي (ر): "فإني أحرق".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٨٧)، وما بين معكوفتين منه.
(٣) في (ف): "يمضيه".