للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٩٧) - {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا}.

وقوله تعالى: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ}: أي: ومَن يَهده اللَّه فهو المهتد (١)، دلت الآية على خلق أفعال العباد.

وقوله تعالى: {وَمَنْ يُضْلِلْ}: أي: ومَن يُضلِلْه اللَّه {فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ}؛ أي: مَن يتولَّى هدايتَهم، وهو بمعنى الجمع لأنه جنسٌ ولذلك جمع ما بعده، وهو قوله:

{وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ}: أي: مسحوبِين عليها.

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: لمَّا نزل هذا قال المشركون: كيف يمشون على وجوههم؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ الذي أمشاهم على أقدامهم قادرٌ على أن يُمشِيَهم على وجوههم" (٢).

{عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا}: حين يحشرون، ثم يزول ذلك بدليل قوله: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ} [الكهف: ٥٣]، وقال: {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا} [الفرقان: ١٣]، وقال: {سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: ١٢].

وقيل: عُميٌ عمَّا يَسرُّهم (٣)، بكمٌ عن التكلُّم بما ينفعُهم، صمٌّ عمَّا ينفعهم (٤)، كذا قال ابن عباس والحسن (٥). . . . . . . . .


(١) "فهو المهتد" زيادة من (أ).
(٢) روى نحوه البخاري (٤٧٦٠)، ومسلم (٢٨٠٦)، من حديث أنس بن مالك رضي اللَّه عنه.
(٣) في (ر): "ينفعهم"، وفي (ف): "شهوده".
(٤) في (أ) و (ف): "يمنعهم"، وانظر التعليق الآتي.
(٥) ذكره عنهما الماوردي في "النكت والعيون" (٣/ ٢٧٥)، وفيه: (صم عما يمتعهم). وذكره القرطبي =