وقوله تعالى:{كَبُرَتْ كَلِمَةً}: أي: عظُمت هذه الكلمةُ كلمةً؛ لأنَّها فريةٌ على اللَّه مستحيلةٌ في فِطَر العقول، وفيه معنى التعجُّب، كأنه قال: ما أكبر هذه الكلمة.
{تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ}: أي: يقولونها بألسنتهم وهي في أفواههم.
وقوله تعالى:{إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}: أي: ما يقولون ذلك إلا كذبًا، يقولون على اللَّه ما لم يفعل.
قال مقاتل: زعمت اليهود: إن كان ما يقول محمدٌ حقًّا أن اللَّه تعالى أنزل عليه الكتاب فهلَّا كان كالتوراة مفصَّلًا كلُّ فصلٍ على حياله، فأنزل اللَّه تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} قيِّمًا غيرَ مختلفٍ {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} لم يُنزلْه ملتبِسًا.
وقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لليهود:"أدعوكم إلى اللَّه، فمَن تاب منكم عن اليهودية كفِّرت عنه سيئاته وأُعطي أجرَه مرتين"، فقالوا: قل: عزيرٌ ابنُ اللَّه، نؤمِنْ بك، فقال:"أعوذ باللَّه من أن أقول: عزيرٌ ابن اللَّه، إنما هو عبد اللَّه داخرًا صاغرًا"، قالوا: إنَّا نجد ذلك في كتابنا وحدَّث به آباؤنا، وإنما قال هذا كعب بن الأشرف وحييُّ بن أخطب وأخوه جديُّ بن أخطب، فاعتزل النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وحزن (١)، فقال له أبو بكر وعمر وعثمان وعليٌّ وعثمان بن مظعون وزيد بن حارثة رضي اللَّه عنهم: لا يَحْزُنك يا رسول اللَّه