للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قد يُطلق عامًّا والمراد به الخصوص؛ كقول الرجل: ما أحسن نساء هذه البلدة! وإن كان لا يخلو من أن يكون فيهنَّ بخلاف ذلك. وتقديره: إنَّا خلقْنا (١) كثيرًا مما في الأرض زينةً لها، وهو ما قال: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} الآية [آل عمران: ١٤]، وقال تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ} [النحل: ٦] إلى أن قال: {وَزِينَةً} [النحل: ٨] وقال تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: ٤٦]، وقال تعالى: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ} [الحديد: ٢٠]، وقال تعالى: {وَازَّيَّنَتْ} [يونس: ٢٤].

ووجهٌ آخر: أنَّا جعلنا ما جعلناه زينةً للابتلاء والامتحان، وجاز هذا الإطلاق إذ (٢) ليس المقصد الإخبارَ بتفصيل ما هو زينةٌ مما ليس بزينةٍ، بل المقصودُ الإخبارُ بأنَّ ما زيِّن منها إنما زيِّن للابتلاء، ولذلك قال أهل الأصول: الخطاب يُحمل في غير المقصود ويفصَل في المقصود (٣).

ووجهٌ آخر: أن {مَا عَلَيْهَا} من الحيات والعقارب وغيرِها، فكلُّ (٤) ذلك عند التأمُّل دليلٌ على صانعٍ قادر فردٍ عالمٍ لا يُشبه الأشياء، وفيها عِبَرٌ وأعاجبُ ومنافع، فكان حسَنًا في نفسه وزينةً، ومزيَّنًا لغيره؛ لدلالته على ما قلنا.

وعن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أنه قال: {زِينَةً لَهَا}؛ أي: الرجال (٥).


(١) في (أ): "جعلنا".
(٢) في (أ): "أي".
(٣) انظر: "البحر المحيط في أصول الفقه" للزركشي (٥/ ٤٤)، وفيه: وقد فَتح الشَّافعيُّ البابَ في التَّأويل فقال: الكلام قد يُحْمَل في غيرِ مقصوده ويُفْصَلُ في مقصوده.
(٤) في (أ): "فعند".
(٥) رواه ابن المنذر وابن مردويه كما في "الدر المنثور" (٥/ ٣٦١) من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.