للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: ٨٥] قالت اليهود: إنه يقول: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا} [البقرة: ٢٦٩] ثم يقول هذا، فكيف يجتمعان؟! فنزلت الآية (١).

أي: وإن كانت الحكمة -وهي القرآن- خيرًا كثيرًا وقد آتانيه اللَّه تعالى، ولكن (٢) كلمات اللَّه تعالى لا نفاد لها، ومعلوماتُه لا يحاط بها كثرةً، فما أوتيتُ أنا من القرآن ولا أنتم من التوراة في جنب ذلك إلا قليلًا.

وقال السدِّي: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا} فكُتب به ما وَصف اللَّه تعالى في الجنة للمؤمنين مما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطَر على قلبِ بشر، وما في النار للكافرين، وقد سبق ذكرهما في هذه الآيات، لنَفِدَ البحر قبل أن يَنْفدَ ذلك (٣)، ولو جيء ببحرٍ آخرَ مثلِه لنَفِدَ أيضًا؛ أي: فَنِيَ.

وقال عكرمة: {لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي}؛ أي: ثوابُ مَن تكلَّم بكلماتِ ربي، يعني: قال (٤): لا إله إلا اللَّه، قال تعالى: {وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا} [التوبة: ٤٠].

* * *

(١١٠) - {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}.


(١) انظر: "تفسير أبي الليث السمرقندي" (٢/ ٣٦٥)، و"تفسير الثعلبي" (٤/ ١٦٢)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٢٩٨)، و"البسيط" (١٤/ ١٧٢)، و"تفسير البغوي" (٥/ ٢١٢)، و"المحرر الوجيز" (٣/ ٥٤٦)، و"الكشاف" (٢/ ٧٥٠). وعزاه بعضهم لابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) في (ر) و (ف): "وكل".
(٣) في (ر) و (ف): "قبل أن تنفد كلمات ربي".
(٤) في (ف): "قول"، وليست في (ر).