للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإظهار الفاقة والعجز عن نيل ما يريد إلَّا بفضل اللَّه تعالى، ألا ترى أن اللَّه تعالى أخبر عنه أنه دعاه دعاءً خفيًّا في صلاته، وهي أقربُ أحوال العبد إلى ربه، ثم أظهر العجز عن نيل الوليِّ بكِبَر سنه ووَهْن عظمه وعُقْر امرأته، وما يخاف من ردِّ اللَّه تعالى إياه من مصير ميراث النبوة ورئاسةِ العلم في الأباعد منه، ثم توسَّل إلى اللَّه تعالى بما عوَّده من الإجابة في كلِّ ما كان يدعوه به، وفي ذلك طرف (١) من الشكر؛ لأنه اعترافٌ بتقدم المنَّة، فينبغي لمن أراد الدعاء أن يقدِّم أمام دعائه هذه المعانيَ وأشباهَها.

* * *

(٧) - {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا}.

وقوله تعالى: {يَازَكَرِيَّا}: وفيه (٢) إضمار: فقلنا: يا زكريا.

وقوله تعالى: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ}: وكانت البشارة على لسان جبريل عليه السلام كما في سورة آل عمران: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ} [آل عمران: ٣٩].

وقوله تعالى: {بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى}: أي: قد سميناه يحيى.

وقوله تعالى: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا}: قال ابن عباس وقتادة والحسن ونوفٌ البِكَاليُّ وابن زيد والسدِّي: لم يسمَّ أحد قبله يحيى (٣).


(١) في (ر) و (ف): "طرق".
(٢) "وفيه" زيادة من (أ).
(٣) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣٤٠٧) وصححه، وابنُ أبي شيبة في "المصنف" (٣١٩٠١)، كلاهما من طريق سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس. ورواه الطبري في "تفسيره" (١٥/ ٤٦٢ - ٤٦٣) عن قتادة والسدي وابن زيد وابن جريج. وعن قتادة عبد الرزاق في "تفسيره" (١٧٣٧).