للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}: أي: لنختبِرَهم بما أعطيناهم، يقول: ولا تنظرنَّ إلى ما وسَّعنا على هؤلاء المشركين في الدنيا متاعًا لهم إلى حين؛ فإن ذلك هو من زينة الحياة الدنيا إلى أن (١) تنقضي، أعطيناهم ذلك لنشدِّد عليهم المحنة بالتعبُّد (٢).

قال أبو رافع: استسلف النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من يهوديٍّ طعامًا فأبى أن يُسلفه إلا برهْنٍ، فحزن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية (٣).

قوله: {وَرِزْقُ رَبِّكَ}: أي: وما يُعطيه اللَّه تعالى رسولَه والمؤمنين في الآخرة من الثواب على صبرهم وقمعِهم أنفسَهم من النزاع إلى ما متَّعنا به هؤلاء {خَيْرٌ وَأَبْقَى} من ذلك؛ لأنَّه باقٍ، ولأنه يؤدي إلى رضا اللَّه تعالى، وهذا فانٍ ويؤدي إلى سَخَط اللَّه تعالى.

* * *


(١) في (أ): "التي" بدل: "إلى أن".
(٢) في (أ): "أعطيناهم ذلك لنسدد عليهم المحبة بالتعبد"، وفي (ف): "أعطفناهم عليك لنشدد عليهم المحنة بالتعبد"، وسقطت العبارة من (ر).
(٣) رواه مطولًا ومختصرًا البزار في "مسنده" (٣٧٦٣)، والروياني في "مسنده" (٦٩٥) و (٧١٥)، والطبري في "تفسيره" (١٦/ ٢١٤)، والطبراني في "الكبير" (٩٨٩)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٣٠٤). وفي إسناده موسى بن عبيدة الربذي، قال أحمد: لا يكتب حديثه. وضعفه النسائي وابن عدي. والخبر تعقبه ابن عطية في "المحرر الوجيز" (٤/ ٧٠) بقوله: (وهذا معترض أن يكون سببًا؛ لأن السورة مكية والقصة المذكورة مدنية في آخر عمر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، لأنّه مات ودرعه مرهونة بهذه القصة التي ذكرت).
قلت: وهذا الحديث الذي أشار إليه رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢١٠٩)، والترمذي (١٢١٤)، والنسائي (٤٦٥١)، وابن ماجه (٢٤٣٨)، عن ابنِ عباسٍ قال: "تُوُفِّي رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- ودرعُه مرهونةٌ عند يهوديٍّ بثلاثين صاعًا من شعيرٍ لأهلِه". قال الترمذي: حسن صحيح.