للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معناه: يطلب منكم الإيمان وتؤمرون (١) به، وذكره بكلمة (لعل) وبكلمة (السؤال) استهزاءً بهم وتوبيخًا، كأنه قيل لهم: ارجعوا حتى يأتيكم رسولُكم فيسألَكم أن تؤمنوا به.

وتحقيقه: قد فاتكم ذلك بترككم التدبير في وقته ويتمنون أن يكون كذلك ولا يكون.

وقال قتادة (٢): {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ} من دنياكم شيئًا، وهو استهزاء بهم أيضًا (٣)؛ أي: قيل لهم: ارجعوا إلى مساكنكم (٤) لعلكم يأتيكم رسولُكم محتاجًا إلى ما في أيديكم فيسألَكم من ذلك، فتُعطونه فيمتنع عن دعائكم إلى الإيمان.

وقال ابن عباس ومقاتل رضي اللَّه عنهم: كانت (٥) هذه قريةً باليمن تسمَّى: حاصوراء، قتَلوا نبيهم حنظلةَ عليه السلام، فسلَّط اللَّه عليهم بخت نصَّرَ حتى قتلهم وسباهم، فلمَّا استَحرَّ فيهم القتل هربوا وانهزموا، فقالت لهم الملائكة على طريق الاستهزاء: {لَا تَرْكُضُوا}؛ أي: {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ}؛ أي: عن قتل نبيِّكم لمَ قتلتُموه (٦)؟


= (٣/ ٤٣٩)، والواحدي في "البسيط" (١٥/ ٣٢)، والبغوي في "تفسيره" (٥/ ٣١٢). قال الواحدي: (والمعنى على هذا: أن الملائكة قالت لهم: ارجعوا إلى نعمكم ومساكنكم لعلكم تسألون شيئًا من دنياكم، فإنكم أهل ثروة ونعمة، استهزاء بهم، كما ذكره قتادة. وهذا في الحقيقة توبيخ لهم. . .)، ثم قال: (وقول قتادة في هذه الآية هو الصحيح، وذكرت أقوال، وهي بعيدة في المعنى).
(١) في (أ): "وتؤمنون".
(٢) "وقال قتادة" ليس في (ف).
(٣) انظر ما تقدم قبل تعليقين.
(٤) في (أ): "مسالكهم"، وفي (ف): "مسألتكم".
(٥) في (ف): "وكانت" وليست في (أ).
(٦) ذكر نحوه ابن عبد ربه في "العقد" (٣/ ٣٣٦)، والسهيلي في "التعريف والإعلام" (ص: ١١٢)، =