للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا}: قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {فِيهَا}؛ أي: بين الجبال (١)؛ أي: طرقًا واسعة، جمع فجٍّ، ومنه: تفاجَّ؛ أي: فتح ما بين رجليه للبول.

وقال ابن عمر رضي اللَّه عنهما: كانت الجبال مصمتةً، فلما أغرق اللَّه قومَ نوح فرَّقها فجاجًا (٢).

وقيل: {فِيهَا}؛ أي: في الأرض، فيعمُّ الجبال والسهول.

وقوله تعالى: {سُبُلًا}: أي: مسالكَ، وهو كقوله تعالى: {لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا} [نوح: ٢٠].

وقوله تعالى: {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}: أي: ليهتدوا بها إلى البلاد المقصودة، ودخل فيها (لعل) لأنه قد ينقطع الاستدلال (٣)، وقد يقع فيه الخطأ.

* * *

(٣٢ - ٣٣) - {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (٣٢) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}.

وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا}: أي: مُظِلًّا عليكم كالسقف {مَحْفُوظًا} في موضعه عن السقوط، كما قال: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [الحج: ٦٥] وقال تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} الآية [البقرة: ٢٥٥].

وقيل: {مَحْفُوظًا} بالشهب من الشياطين، كما قال: {وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ} [الحجر: ١٧].


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٢٦٢).
(٢) ذكره الرازي في "تفسيره" (٢٢/ ١٣٩)، وفيه: (كانت الجبال منضمة. . .).
(٣) في (أ): "لأنه يقطع بالاستدلال".