للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وروي عن خريم بن فاتك رضي اللَّه عنه أنه قال: صلى رسول اللَّه عليه السلام صلاة الصبح، فلما انصرف قام قائمًا فقال (١): "عُدلت شهادةُ الزور بالإشراك باللَّه تعالى"، ثم قرأ (٢) هذه الآية (٣).

وقوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ}: قيل: أي: فمَثَلُه في بُعده من الهدى (٤) والحق وهلاكِه كمَن خرَّ من السماء {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ}: أي: تستَلِبه بسرعة {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ}؛ أي: تُسقطه {فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}؛ أي: بعيد، وهو قولُ قتادة (٥).

وقيل: هو مَثَلُ حال الكافر في القيامة، يريد به أنه يكون يومئذٍ بهذه الصفة لا يملك لنفسه ولا يملك أحدٌ من الخلق له نفعًا ولا ضرًّا (٦)، ولا يمتنع من عذاب اللَّه، فهو بمنزلةِ مَن خرَّ من السماء فهو يهوي من غير أن يقدر لنفسه على خلافِ ذلك، فتخطفه الطير وتقطِّع مخَّه (٧) بمخاليبها ومناقيرها، فلا يملك دفع ذلك، أو بمنزلةِ مَن تحمله الريح من موضعٍ مرتفع فترمي به في منحدَرٍ بعيد، وهو معنى قولِ ابن عباس رضي اللَّه عنهما.


(١) في (ف): "ثم قال"، وفي باقي النسخ: "قال"، والمثبت من المصادر.
(٢) في (أ): "تلا".
(٣) رواه أبو داود (٣٥٩٩)، والترمذي (٢٣٠٠)، وابن ماجه (٢٣٧٢). قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٤/ ٣٤٩): إسناده مجهول.
(٤) في (ف): "الدين".
(٥) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (١٩٢٩)، والطبري في "تفسيره" (١٦/ ٥٣٨ - ٥٣٩)، ولفظه فيهما: هذا مثَل ضربه اللَّه لمن أشرك باللَّه في بعده من الهُدى وهلاكه.
وكون معنى {سَحِيقٍ}: بعيد، رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٥٣٩) عن مجاهد.
(٦) "ولا ضرًا" ليس من (أ).
(٧) غير واضحة في (أ)، وقد تقرأ: "فمه" أو "خمه"، وسقطت الجملة من (ر) و (ف).