للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وحفروا آبارًا خرج (١) من كلِّها ماءٌ مِلْحٌ، ومر بهم رجل فأمرهم أن يحفروا في موضعٍ أَراهم، ففعلوا فخرج ماء عذب، فوسَّعوها وبنوها حجرًا ذهبًا وحجرًا فضة، وجعلوها حظيرةً ولها أربعة آلاف باب بعدد ذلك (٢) الرجال، واتخذوا منازل، وطالت بهم المدة، وأتاهم الشيطان في صورة عجوزٍ صالحة ومكث عندهم، ودلت النساء على السَّحق عند غيبةِ الأزواج فظهر ذلك فيهنَّ، وأتاهم في صورة شيخ صالح بعد ذلك، وبعد مدةٍ دل رجالهم على إتيان البهائم إذا غابوا عن أزواجهم، ففشا ذلك فيهم، وأتاهم بعد ذلك (٣) النبيُّ -وقيل: نبي اسمه قحافة- فنهاهم فلم ينتهوا له (٤)، فغار ماؤهم فتضرعوا للنبيِّ حتى دعا اللَّه، فعاد الماء فلم يؤمنوا، فخوَّفهم إتيانَ العذاب بعد سبع سنين وسبعةِ أشهر وسبعة أيام وسبعِ ساعات، فاتخذوا قصرًا مَشيدًا لبنةٌ ذهبًا ولبنةٌ فضةً، وركَّبوا فيها اليواقيت وتحصَّنوا ولم يؤمِنوا به (٥)، فلما انتهت هذه المدة وهو يجدِّد لهم التخويفَ كلَّ ساعةٍ فلم ينتهوا، أمر اللَّه تعالى جبريل فخسف بهم وبها (٦).


(١) في (ر): "وقيل خرج"، وفي (أ): "وقيل".
(٢) في (أ): "كل".
(٣) في (أ): "وأتاهم هذا"، وفي (ر): "وأتاهم ذلك".
(٤) "له" ليست في (أ).
(٥) "به" من (أ).
(٦) لم أجد هذا الخبر، وظاهر الآية العموم، كيف وقد صدرها بكلمة: {فَكَأَيِّنْ} دلالة على كثرة حصول هذا المشهد، وهذه الآية من مظاهر الإعجاز في كتاب اللَّه، فقد جاء تركيبها بحيث يمكن تخيل عشرات القصص بل المئات التي يكون هذا المشهد المذكور في الآية محورًا لها، وليس ذلك مقتصرًا على تعدد الأزمنة، بل يشمل أيضًا تعدد الأمكنة، ولا يشترط في ذلك وجود نبي بينهم مع مخالفته أو قتله، بل يكفي وجود شريعة الإيمان عندهم، بل قد يكون سبب ما يحل بهم هو كثرة التظالم وأكل الحقوق ولو لم يكن إيمان، واللَّه أعلم.