للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بالكفر في آخر هذه السورة: {إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}، ولولاه لوقع عند العصاة أن الفلاح إذا كان بالإيمان مع الطاعات وفاتت الطاعات فات الفلاح، فسكَّن قلوبهم وذكر أن عدم الفلاح بالكفر لا بالمعاصي.

* * *

(١٢ - ١٣) - {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ}.

وقوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ}: بيَّن في هذه الآية ابتداءَ (١) خلقِ الإنسان، وذكر أن آخرَه الموت ثم البعثُ للجزاء، وهو تحريكٌ على الإيمان والطاعات التي بها ينالون الفردوس.

يقول: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ} (٢) الآدميَّ {مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ}: أي: من طينةٍ مستلَّةٍ من كلِّ تربةٍ؛ لأن آدم عليه السلام خُلق منها فكان أصلًا لأولاده، فجاز أن يضاف خلقُهم إليها إذا كان أصلهم مخلوقًا منها.

وقوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ}: أي: الإنسانَ، وهو ولدُ آدم بعد أن كان أصله الطين {نُطْفَةً} في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، فقذفه من الصُّلب حالة الالتقاء إلى رحم المرأة.

{فِي قَرَارٍ مَكِينٍ}: هو (٣) الرَّحِم؛ أي: في مقرٍّ مكينٍ لذلك؛ أي: هُيِّئ له.

وقيل: معناه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا} الآدميَّ {مِنْ سُلَالَةٍ}؛ أي: من نطفةٍ مسلولةٍ {مِنْ


(١) "ابتداء" ليست في (ف).
(٢) "الإنسان" ليست في (أ).
(٣) في (ف): "هو التقاء".