للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٦٣) - {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.

وقوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}: أي: لا تجعلوا دعاءه إياكم كدعاء واحدٍ منكم غيرَه إلى أمرٍ، فتستجيزوا التخلُّفَ عنه أو الانصرافَ بعد المجيء بغيرِ إذن، فإنه أمرٌ حَتْمٌ ولا يجوز خلافُه.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: لا تجعلوا دعاء الرسول عليكم إذا أسخطتُموه (١) كدعاء غيره؛ لأن دعاءه مستجابٌ لا محالة (٢).

وقال جماعة من المفسرين: لا تجعلوا دعاءكم الرسولَ كدعاء بعضِكم بعضًا، فتدعوه باسمه: يا محمد، أو ترفعوا عليه الصوت، بل ادْعُوه بتعظيمٍ وخفضِ صوتٍ ولِينٍ، قال اللَّه تعالى: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: ٢]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: ٤]، والقصة تذكرُ في سورة الحجرات إن شاء اللَّه تعالى.

وقوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ}: أي: ينتزِعون (٣) ويُخرجون أنفسهم {مِنْكُمْ}؛ أي: من بينكم أيها المؤمنون.

وقوله تعالى: {لِوَاذًا}: أي: مُلاوَذةً، وهي التستُّر بشيءٍ مخافة أن يراه أحد، وقيل: نفارًا (٤)، وقيل: تباعُدًا، وقيل: رَوَغانا.


(١) في (ر): "استخصمتموه".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٣٨٨).
(٣) في (ر) و (ف): "يسرعون".
(٤) في (ر) و (ف): "ويقال نفاذًا".