للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويأخذون منهم ثم يسألون النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو يخبرهم على الوجه الذي (١) أخبره اللَّه تعالى به، فكان أحسنَ تفسيرًا مما هم يذكرونه.

* * *

(٣٤) - {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا}.

قوله تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا}: أي: هؤلاء المشركون الذين يعادُونك ويتعنَّتونكَ يمشَّون يومَ القيامة على وجوههم خزيًا ونكالًا لهم، وسئل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: كيف يمشَّون على وجوههم؟ فقال: "إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشِيَهم على وجوههم" (٢).

وقيل: يُسحبون على وجوههم إلى النار؛ كما ورد ذلك في آية أخرى.

{أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا} في الآخرة فإنهم في النار {وَأَضَلُّ سَبِيلًا} عن الجنة.

وقيل: {أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا}: منزلةً في الدنيا، وأضلُّ عن طريق الحق، كما قال يوسف عليه السلام: {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} [يوسف: ٧٧].

ومعنى كل الآية: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ} في جوابه {بِالْحَقِّ} فأنت منصورٌ عليهم في الدنيا بالحجة الواضحة، ثم هم محشورون على وجوههم إلى جهنم، وذلك نصرةٌ لك في الآخرة وخذلانٌ لهم وإخزاءٌ لهم في الدارين جزاءً على ضلالتهم، وهم أسوءُ مكانًا وأضلُّ سبيلًا.

وليس هذا للتفضيل بعد ثبوت التسوية في الطرفين، بل طريقه ما قلنا في قوله: {خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}.


(١) في (ف) و (أ): "كما" بدل: "الذي".
(٢) روى نحوه البخاري (٤٧٦٠)، ومسلم (٢٨٠٦)، من حديث أنس بن مالك رضي اللَّه عنه.