للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{قَبْضًا يَسِيرًا}: أي: قليلًا قليلًا شيئًا بعد شيء، بطلوع الشمس شيئًا فشيئًا.

وقيل: قبضه (١) بغروب الشمس؛ لأنَّها ما لم تَغرب فالظلُّ فيه بقية، وإنما يَتمُّ زواله بمجيء الليل، وعلى هذا قولُه: {قَبْضًا يَسِيرًا}؛ أي: سهلًا علينا لا مؤنةَ فيه علينا؛ كقوله: {ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} [ق: ٤٤].

وقيل: {قَبْضًا يَسِيرًا}؛ أي: سريعًا.

وقيل: كالأول قليلًا قليلًا؛ لأنَّه يذهب شيئًا فشيئًا إلى أن يجتمعَ كلُّ الظلام.

وهذا بيان القدرة، ومن آيات الوحدانية وإلزامِ الحجة على أهل الشرك والضلالة، وكذا ما بعده، وهو قوله:

* * *

(٤٧) - {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}.

{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا}: أي: سترًا وغطاءً للأشياء كلها بظلامه، فتسكن الأشياء فيه {وَالنَّوْمَ سُبَاتًا}؛ أي: راحة لأبدانكم بانقطاعكم عن الأشغال، والسَّبْت: القطع.

وقوله تعالى: {وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}: أي: حياةً من موت المنام لتنتشر الناس فيه لمعاشهم؛ كما قال: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ١١]، وكان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أصبح قال: "الحمد للَّه الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور" (٢).

وقال القشيري رحمه اللَّه: رُوي أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- نزل في بعض أسفاره وقتَ


(١) في (أ): "قبضها".
(٢) رواه البخاري (٦٣١٢) من حديث حذيفة بن اليمان رضي اللَّه عنه. ورواه البخاري أيضًا (٦٣٢٥) من حديث أبي ذر رضي اللَّه عنه، ومسلم (٢٧١١)، من حديث البراء بن عازب رضي اللَّه عنه.