للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بما لا بد لهم من معاشٍ وقضاءِ حقٍّ وحضورِ جماعة يمشون في لِينٍ ووقارٍ وسكونٍ وتواضعٍ، لا بمرحٍ (١)، ولا تحريكِ أعطافٍ ودقِّ أقدام على الأرض، فهذا مشيٌ ممدوح، وقد ذكر المشي المذموم في قوله: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ} [لقمان: ١٨ - ١٩] وقال: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا} [الإسراء: ٣٧].

وقوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}: الجاهلون: الكفار والعصاة، و {سَلَامًا}؛ أي: سَدادًا من القول؛ أي: إذا خُوطبوا بما يكرهونه لم يجيبوهم بمسافهةٍ ومشاتمةٍ، بل صانوا أنفسَهم عن ذلك وأجابوهم (٢) بالذي يسلَمون به من أذاهم ومن معصية اللَّه تعالى.

* * *

(٦٤ - ٦٥) - {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (٦٤) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا}: أي: يُمضون لياليهم متهجِّدين للَّه تعالى قيامًا على أرجلهم في موضعِ القيام، وسجَّدًا في موضع السجود، ومع ذلك يخافون اللَّه تعالى، وذلك قوله تعالى:

{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا}: قيل: هلاكًا، وقيل: دائمًا لازمًا، وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: شديدًا (٣).


(١) في (ر): "تبرج"، وفي (ف): "تمريح".
(٢) في (ر): "بل خاطبوهم" بدل: "وأجابوهم"، وليست في (ف).
(٣) ذكره الماوردي في "النكت والعيون" (٤/ ١٥٥) عن ابن شجرة.