للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نبيٌّ من الأنبياء في فترةٍ وجاهلية، ما يرون دينًا أفضلَ من عبادة الأوثان، فجاء بفرقانٍ فرَق بين الحق والباطل، ففرَّق بين الوالد وولده حتى إنْ كان الرجل ليَرى والدَه أو ولدَه أو أخاه كافرًا وقد فتح اللَّه قلبَه للإيمان، يعلم أنه إن هلك دخل (١) النار، فلا تقَرُّ عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار، وإنها التي قال اللَّه: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} (٢).

وقوله تعالى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}: هو سؤالُ الرياسة في الدِّين على وَفق السؤال الأول، والإمام واحدٌ لكنه جنسٌ يصلح للجمع، وهذه درجةٌ عَلِيَّة، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: ٢٤] وقال تعالى لإبراهيم عليه السلام: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} [البقرة: ١٢٤].

وقال مجاهد: اجعلنا ممن يأتَمُّ بمن قبلنا حتى يأتمَّ بنا مَن بَعْدنا (٣).

وقال أبو رَوق: واجعلنا للمتقين إمامًا في الجنة.

وقيل: اجعلنا أئمةً للمتقين يومَ الدِّين نتقدَّمُهم (٤) في المضي إلى الجنة.

* * *


(١) في (أ): "يعلم أن هلك ودخل"، وفي (ف) و (ر): "يعلم أن أهله قد هلك ودخل". والمثبت من المصادر.
(٢) خبر صحيح، رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢٣٨١٠)، والبخاري في "الأدب المفرد" (٨٧)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢٩٢)، والطبري في "تفسيره" (١٧/ ٥٣١)، وابن حبان في "صحيحه" (٦٥٥٢)، والطبراني في "الكبير" (٢٠/ ٢٥٣)، وأبو نعيم في "الحلية" (١/ ١٧٥ - ١٧٦).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٥٣٢ - ٥٣٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٨/ ٢٧٤٢).
(٤) في (ر) و (ف): "لتقدمهم".