للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهو استفهام، وتقديره: أوتلك نعمةٌ تمنُّها عليَّ أن اتَّخذتَ (١) بني إسرائيل عبيدًا وهم أهلي ورَهْطي، ولو لم تفعل ذلك ولم تعبِّدهم لكفلني أهلي ولم يُلقوني في اليمِّ؟ فليس هذا موضعَ امتنانٍ منك، ولا موضعَ اعتقادٍ مني لك به (٢) منه.

وقيل: معناه: إنك أحبطت ما كان لك (٣) عليَّ من المنَّة حيث عبَّدْتَ قومي ورَهْطي، وهو كمَن يمنُّ على الرجل بشيءٍ يسيرٍ بعد أن أساء إليه في أشياءَ كثيرة، فيقول: كيف تمنُّ عليَّ بأنْ وهبتَني درهمًا وقد أخذتَ مني ألوفًا؟!

وقيل: معناه: إنك تمنُّ عليَّ بأنِ استَعْبدْتَ بني إسرائيل حتى ربَّوني (٤) وهم قومي والحِراصُ على تربيتي، وذلك أن أمه هي التي أرضعَتْه والذين ربَّوه من ذويها (٥) فهم مِن نساء بني إسرائيل دون نساء القبط، فقال له: أيُّ مِنَّةٍ لك عليَّ في التربية وإنما تولَّى ذلك مني مَن لو لم يكن أنت لكان هو يربِّيني.

ثم إن فرعون سار مع موسى إلى المساءلة في قوله: {إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: ١٦] فقال له: {وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} قيل: أراد به: أيُّ شيء هو؟ ومن أيِّ الأجناس هو؟ كأنه ظن أن الذي يذكُره موسى من أحد أجناس الأجسام، فأعرض موسى عن الجواب من هذا الوجه وسار إلى الدلالة على اللَّه تعالى بأفعاله التي تشهدُ لذوي العقول على الصانع العالم القادر:

* * *


(١) في (أ): "عبدت".
(٢) في (أ): "مني له".
(٣) "لك" من (ف).
(٤) في (ف): "رموني".
(٥) في (ر) و (ف): "دونها".