للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومصرِّفهم؛ أي: ليس الطريق إلى معرفته ما سألتَني عنه من المائية (١)، إنما الطريق إلى معرفته الاستدلال عليه بما قلتُ.

* * *

(٢٧ - ٢٨) - {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (٢٧) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}.

فلما رآه فرعون ثابتًا على مثل جوابه الأول لا يجيبه عن الماهية {قَالَ} لمن حوله: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ}: يستهزئ به؛ يقول: إن هذا الذي يزعم أنه رسول اللَّه أرسله إليكم لمجنونٌ لا يعقل ما يقال له، فهو يُسأل عن شيء ويجيب عن غيره.

فعاد موسى ثالثةً إلى مثل كلامه الأول بالدلالة على اللَّه تعالى بأفعاله {قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا}: أي: ربُّ العالمين هو الذي يُطلع الشمس ويُغربها، وهو خالقهما ومصرِّفهما (٢) على هذا الانتظام والاتِّساق (٣) الذي ترونه وتشاهدونه (٤).

قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}: ما يقال لكم، وكانت لكم عقولٌ تقفون بها على الكلام والمقصود، فرَبُّ العالمين هو المدلولُ عليه بهذه الأشياء؛ لظهور آثار الصَّنعة فيها، وشهادتِها أن لها صانعًا عالمًا قادرًا لا يُشبهها.

* * *

(٢٩) - {قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ}.


(١) في (ف): "الماهية".
(٢) في (ر): "خالقها ومصرفها".
(٣) في (ر) و (ف): "والأسباب".
(٤) في (ر): "الذي ترون وتشاهدون".