للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} من الشرك والمعاصي فهو مُجازيكم عليه.

{فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ}: وهو العذاب الذي أهلكهم اللَّه به من ظلةٍ أقامها (١) فوق رؤوسهم فألهبها عليهم فماتوا من حرِّها {كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.

وقيل: أصابهم الحر حتى أقلقهم وأخرجهم من بيوتهم، ورُفعت إليهم سحابة فانطلقوا إليها، فلما استظلُّوا بها أُرسلت عليهم فلم ينفلت منهم أحد.

وقوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} مر تفسيره.

* * *

(١٩٢ - ١٩٣) - {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ}.

وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ}: أي: إن القرآن منزَلٌ من عند {رَبِّ الْعَالَمِينَ} وقد تقدم ذكره في أول السورة: {طسم (١) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} والسورة كلها في معنًى واحد، فإنه ذكر القرآن وتكذيبَ المشركين الرسولَ عليه السلام فيه، ووصَل به تكذيبَ سائر الأمم رسلَهم، ثم عاد إلى ذكر القرآن فقال: {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وهذا مصدر بمعنى المفعول؛ كقولهم: هذا الدرهم ضربُ الأمير؛ أي: مضروبُه.

يقول -وهو معنى أول السورة وآخرها على التقدير-: وإن هذا القرآن الذي نتلوه على هؤلاء المشركين فيستهزؤون به ويعرضون عنه، هو منزلُ ربِّ العالمين، وما كان منه فحقيقٌ بالإصغاء إليه والتدبُّر فيه، ليس هو مما تقوَّلتَه علينا، ولا مما تنزَّلت به الشياطين، ولا هو شعرٌ، بل نزل به جبريل من عند اللَّه، وهو قوله:


(١) في (ر) و (ف): "ظلة أتى بها".