للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ}: أي: في كتب المرسلين الماضين المنزلةِ من اللَّه عليهم؛ كما قال: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: ١٨ - ١٩]؛ أي: معناه فيها.

ودلت الآية على صحة قول أبي حنيفة رحمه اللَّه: إن القرآن لا يتبدَّل بتبدُّل اللسان، وإن قراءة اقرآن بالفارسية في الصلاة جائزةٌ، فإن اللَّه تعالى جعل ما في الصحف الأولى وفي زبر الأولين قرآنًا، وكان ذلك بمعناه لا بنظمه ولفظه بالعربية.

* * *

(١٩٧) - {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ}.

وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ}: وقراءة العامة: {أَوَلَمْ يَكُنْ} بياء التذكير {آيَةً} نصب على أنه خبرُ كان، واسمُه {أَنْ يَعْلَمَهُ} لأن (أنْ) مع الفعل مصدر، وتقديره: أولم يكن لهم علمُ بني إسرائيل آيةً.

وقرئ: {أولم تكُنْ} بتاء التأنيث {آيةٌ} بالرفع (١) على أنه اسم كان، وعلى هذا {أَنْ يَعْلَمَهُ} يجوز نصبًا خبرًا لكان، ويجوز رفعًا ترجمةً لقوله: (آيةٌ) (٢)، ومعناه: ألَا يكفي أنَّ هذا القرآن مِن عند اللَّه أنْ يشهد بذلك علماءُ بني إسرائيل عبدُ اللَّه بن سلَام وسلمانُ ونحوُهما، وكانوا يرجعون في كثير من الأمور الدينية إلى علماء أهل الكتاب، وكان ذلك لازمًا لهم.

وقيل: إن قوله: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} وقولَه تعالى: {أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} راجع إلى بيان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الكتب.


(١) قراءة ابن عامر، وباقي السبعة بالياء والنصب. انظر: "السبعة" (ص: ٤٧٣)، و"التيسير" (ص: ١٦٦).
(٢) قوله: "ترجمة"؛ أي: بدلًا، وعلى هذا الوجه يكون الخبر هو قوله: {لَهُمْ}.