للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أولئك الشعراء، فإن أولئك هائمون في كلِّ وادٍ، ذامُّون للدِّين الحق وللرسول عليه السلام وللمؤمنين، وهؤلاء ليسوا بهائمين بل يذمُّون الدِّين الباطلَ والمشركين.

وقال أبو منصور رحمه اللَّه: ذكر أن شاعرين كافرين قالا في النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي الإسلام أشعارًا، واتَّبعهما غواة من قومهما في ذلك، فاستأذن شعراءُ المسلمين (١) رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في جوابهما، فأذن لهم، قالوا: فنزلت الآية فيهم (٢).

وقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} يجوز أن يكون مستثنًى من الشعراء؛ أي: هؤلاء ليسوا بمذمومين، ويحتمل أن يكون مستثنًى من قوله: {يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ}؛ أي: المؤمنون لا يتَّبعون شعراء الجاهلية.

وقوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا}: من الشعراء وغيرهم {أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}؛ أي: في الآخرة (٣) في منقلب الظلمة وهي النار؛ أي: يعلمون علم العِيان إذ تركوا النظر في الدنيا فلم يعلموا علم الاستدلال، أو علموا علم الاستدلال في الدنيا وعاندوا، فيعلمون علم العيان في الآخرة، واللَّه تعالى أعلم.

* * *


(١) في (ر) و (ف): "شعراء الإسلام والمسلمين".
(٢) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٧/ ٩٢). والخبر رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ٦٧٤ - ٦٧٥) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، لكن فيه أنهما تهاجيا فيما بينهما، لا أنهما قالا ذلك الشعر في هجاء الإسلام، كما أنه ليس فيه أنهما كانا كافرين، وأن شعراء المسلمين استأذنوا في هجائهما. ومع هذا فإسناده ضعيف.
(٣) "أي في الآخرة" من (أ).