للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١١) - {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

{إِلَّا مَنْ ظَلَمَ}: أي: لكنْ مَن زلَّ من المرسلين فجاء منه غيرُ ما أَذنتُ (١) له به {ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا}؛ أي: أَتبعَ توبةً وندمًا (٢) {بَعْدَ سُوءٍ}؛ أي: زلةٍ {فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} أقبل توبته، وأغفر زلَّته، وأرحمه فأحقِّق أمنيتَه. و {إِلَّا} بمعنى (لكن) على هذا التأويل.

ووجهٌ آخر: {لَا يَخَافُ} عند خطابي أحدٌ من رسلي {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ}؛ أي: زلَّ زلةً فإنه يخاف، ثم هاهنا مضمر: ومَن ظلَم {ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ}؛ أي: تاب بعد زلة {فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ}.

ووجهٌ آخرُ: {لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ} منهم، وتم هذا الكلام، {ثُمَّ بَدَّلَ}؛ أي: ثم إنْ {بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} له، فالمضمر فيه كلمة (إنْ).

وقيل: معناه: {لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ} بل غيرُهم الخائف {إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ} فإنه مع إبداله الحسنَ بعد السوء يخافني، وأنا غفور رحيم أُوْمنُه من خوفه وأرحمه وأغفر له.

قالوا: وهذه إشارة إلى أن موسى إنما خاف في الموضع الذي لا يخاف سائر الأنبياء؛ لِمَا سبق منه من قتل القِبطي وإن كان من غيرِ قصدٍ؛ كما قال: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [القصص: ١٥] إلى قوله: {ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ} [القصص: ١٦].

قالوا: ولما خاف موسى زلةً واحدة لم يقصدها، وأحسنَ العذر عنها، وعفا اللَّه


(١) في (ر): "أذن".
(٢) "وندمًا" ليست فى (أ).