للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال وهب: قال للجن: {نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} فنكِّس، وبنت الشياطين فوقه قبابًا أخرى هي أعجب من تلك القباب وهو مقلوب قد جُعل أسفلُه أعلاه، وإنما أراد سليمان أن يعلِّمها صغر ملكها عند ملكه.

ونظمُ هذه الآيات يضعف قول وهب: حملوا عرشها وهي عليه؛ لأن التنكير والمجيء والنظر إليه يخالف كونها عليه.

* * *

(٤٢) - {فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ}.

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ}: لما رأته محمولًا على الريح مقلوبًا وهو في الهواء لا يقع على الأرض، وقد صُنع فيه ما هو أعجب وأفخر ما كان فيه، أنكرته، فعند ذلك {قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ}.

قالوا: إن الشياطين خافت أن يتزوجها فيولَدَ له منها ولدٌ وهي جنية (١)، فتطيع الجنُّ ولده منها، فيدوم له الملك ويبقَوا مسخَّرين لآل (٢) سليمان أبدًا، فقالوا له: إنها ضعيفة العقل حمقاء، وإن رِجْلها كرِجْل حمار، فأمر بتنكير عرشها ليَمتحن عقلها فقال: {نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا} ففعلوا وقالوا لها: {أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ} لم تعرف ولم تنكر ذلك لمَّا بَعُدَ عندها أن يكون هو هو (٣)؛ لأنَّها خلَّفته في منزلها، ثم وكَّلت به مَن وكَّلت، فلم تقل: هو، ولما رأت فيه من التغيير ولم تقطع أيضًا على أنه ليس هو لِمَا رأت فيه من المشابهة فقالت قولًا بين النفي والإثبات تحرُّزًا عن الكذب بالقطع على أحدهما من غير ثبت.


(١) في (ف): "حسنة".
(٢) في (ر) و (ف): "لابن".
(٣) "هو" ليست في (ف).