(٢) قوله: "هو وعدٌ من نفسه، وقيل: هو دعاءٌ وسؤال من ربه" من (أ). وهذان الوجهان ذكرهما الفراء وتبعه المفسرون، وملخصهما: أن هذا القول من موسى عليه السلام إما أن يكون خبرًا أو دعاء، والأول عزاه الفراء لابن عباس رضي اللَّه عنهما، قال الفراء في "معاني القرآن" (٢/ ٣٠٤): (وقوله: {رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ} قال ابن عباس: لَمْ يستثن فابتُلِي، فجَعل (لن) خبرًا لموسى، وفي قراءة عبد اللَّه: (فَلَا تَجْعَلْنِي ظَهِيرًا) فقد تكون (لَنْ أكُونَ) على هذا المعنى دُعاءً من موسى: اللَّهُمَّ لن أكون لهم ظهيرًا فيكون دعاءً). قلت: وذهب اكثر إلى اختيار كونه خبرًا على ما ذكر عن ابن عباس، قال النحاس في "إعراب القرآن" (٣/ ١٥٨): (وأن يكون بمعنى الخبر أولى وأشبه بنسق الكلام). وقال الواحدي في "البسيط" (١٧/ ٣٥٠): (ومذهب المفسرين أن هذا خبر وليس بدعاء؛ أخبر عن نفسه أنه لا يكون ظهيرًا للمجرمين بعد ذلك). قلت: والقول بأن (لن) هنا على حقيقتها للإخبار وليست دعاء رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢٢٠٤) عن قتادة، ويؤيده أنه وقع في الأمر مرة أخرى كما أشار إلى ذلك ابن عباس رضي اللَّه عنهما. واللَّه أعلم.