للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان يقول لقريش: صدِّقوا ابنَ أخي وآمِنوا به تَرْشُدوا وتُفلِحوا، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول له: "أتأمرهم بالنصيحة وتتركها لنفسك؟! "، وحضره عند موته فقال أبو طالب: ما تريد يا ابن أخي؟ قال: "أريد أن تشهد بشهادة الحق أشفع لك بها عند اللَّه"، وكان عنده أبو جهل وجماعةٌ من كفار قريش فقالوا له: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ أترغب عن ملة آبائك؟ فما زالوا به حتى كان آخرَ ما قال أبو طالب: يا ابن أخي، إني أعلم أنك صادق، ولكني أكره أن يقال: جزع عند الموت، ولولا ذلك لأقرَرْتُ عينَك به، ولكن أموت على ملة أشياخي عبد المطلب وهاشم وعبد مناف، وقضى، وقام عليه السلام من عنده باكيًا ونزلت هذه الآية (١).

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}؛ أي: لا تقدر على أن (٢) تنوِّر قلبَ مَن أحببتَ، ولكن اللَّه يفعل ذلك.

وقيل له: إنك شفيعُ الجناية لا شريكُ الهداية.

* * *


= كذَبْتُم وبيتِ اللَّه يُبْزَى محمدٌ
ورواه الطبري في "تاريخه" (٢/ ٥٧٧) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، لكن على أن القائل هو عمر لا أبو طالب.
(١) ذكره دون سند مقاتل في "تفسيره" (٣/ ٣٥٠)، وابن إسحاق في "سيرته" (٣٢٥)، والماتريدي في "تأويلات أهل السنة" (٨/ ١٨١)، والزمخشري في "الكشاف" (٣/ ٤٢٢). قال الحافظ في "الكاف الشاف" (ص: ١٢٦): (لم أجده، وقصة وفاة أبى طالب في الصحيحين عن سعيد بن المسيب عن أبيه بغير هذا السياق أو أخصر منه). قلت: رواه بنحو ما ذكر من قصة الوفاة البخاري (٣٨٨٤)، ومسلم (٢٤)، من حديث المسيب بن حزن رضي اللَّه عنه. ومسلم (٢٥) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٢) "على أن" من (أ)، وفي (ف): "أن".