للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: أي: لا يتساءلون بالأنساب (١)؛ أي: لا يمكنُه أن يقول لآخر: انصرني لقرابتك مني (٢).

* * *

(٦٧ - ٦٨) - {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.

قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ}: أي: مِن شِركه {وَآمَنَ} بربِّه وبما جاء مِن عنده {وَعَمِلَ صَالِحًا} في دينه {فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} و (عسى) من اللَّه إيجابٌ لأنه إطماع، وإطماعُ الكريم إيجابٌ، وهذا ترغيب للكفار في الإسلام، وبشارةٌ للمسلمين على الإسلام.

وقوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ}: أما قوله: {يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} فهو على العموم، ودل على خلق الأعيان والأفعال كلِّها، وكان حجةً لنا على المعتزلة.

وقوله تعالى: {وَيَخْتَارُ} منهم مَن وقف هاهنا، ووجهه: ويختار ما يشاء، ثم قوله: {مَا كَانَ لَهُمُ}؛ أي: ليس الاختيار إليهم، وهو ردٌّ على الذين قالوا: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: ٣١]، وعلى الذين اتخذوا الأصنام شركاء وشفعاء، فيقول: ليس لهم أن يختاروا شيئًا من ذلك للعبادة والشفاعة (٣).

وقيل: هو بمعنى قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٢٩٨).
(٢) "مني" ليس من (أ).
(٣) في (أ): "وللشفاعة".