للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}: ثم ختم السورة ببشارة نبيِّه عليه السلام بردِّه إلى مكة ظاهرًا قاهرًا لأعدائه المشركين هؤلاء، الذين حاجَّهم في هذه السورة، ووصلها بمواعظ تتصل بمعناها فقال: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ}.

قال محمد بن كعب: أي: فرض عليك تبليغه.

وقال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أي: أنزله عليك (١) شيئًا بعد شيء، وأَوجب عليك العملَ بما فيه من شرائع الهدى ومحاسنِ الأخلاق.

وقال عطاء: أعطاك (٢).

{لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}: أي: لراجعُك إلى وطنك بمكةَ مفتوحًا عليك عاليَ اليد على أهله، وكان كما ذَكر فدلَّ على صدق دعواه النبوَّة.

وقال مقاتل: خرج النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من مكة ومعه أبو بكر رضي اللَّه عنه متوجهًا إلى المدينة، فعدل عن الطريق مخافةَ الطلب، فلما أمِن عاد إلى الطريق فنزل الجحفة، واشتاق إلى مولده ومولد آبائه فأتاه جبريل عليه السلام فقال له: أتشتاق إلى مولدك ومولد آبائك ومسقط رأسك؟ قال: "نعم"، قال: فإن اللَّه تعالى أنزل عليك {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} يعني: إلى مكة ظاهرًا من غير خوفٍ (٣).

وقال الحسن: يعني: القيامة (٤)؛ لأنَّها مرجع الخلق.


(١) هذا القدر من الخبر ذكره عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما الواحدي في "تفسيره" (١٧/ ٤٧٣).
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٣٤٥ - ٣٤٦) عن مجاهد. وانظر: "تفسير الثعلبي" (٧/ ٢٦٦)، وفيه: (وقال عطاء بن أبي رباح: فرض عليك العمل بالقرآن).
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٣/ ٣٥٩)، وقد تقدم في أول السورة ما روي في سبب نزول هذه الآية.
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٣٤٧ و ٣٤٨).