للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{الْحَكِيمُ}: الذي يمتحن أولياءه بأعدائه، ثم يجعل العاقبةَ المحمودة لأوليائه.

وقال محمد بن إسحاق: خرج إبراهيم ولوط عليهما السلام مهاجرَين -وقد تزوَّج إبراهيمُ سارةَ بنتَ عمه- فرارًا بدينهم والتماسًا للتمكُّن من عبادة ربهم، حتى نزلوا حرَّان، فمكثوا بها مدة ثم خرجوا إلى مصر ثم إلى الشام، فنزل إبراهيم فلسطين من قرى الشام، ونزل لوطٌ المؤتفكةَ على مسيرة يومٍ وليلة، فبعثه اللَّه نبيًّا إليهم (١).

* * *

(٢٧) - {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}.

وقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}: أي: في أعقابه ونسله؛ لأن موسى وداود عليهما السلام وغيرَهما من أنبياء (٢) بني إسرائيل كلُّهم من ذرية يعقوب، ومحمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- من ولد إسماعيل، وهو ابن إبراهيم، ولهم النبوةُ والكتابُ، ووحَّد الكتاب لأنه مصدرٌ كالنبوة فصلح للجمع.

وقوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ}: أي: ثوابَ قيامه بأداء الرسالة، وصبرِه على أذى القوم، ومهاجَرته إلى ربه فارًّا بدينه {فِي الدُّنْيَا} من كثرةِ الأولاد وكونِ الأنبياء فيهم، وإلزامِ الناس اتِّباعَ ملَّته، وإبقاءِ ذكره على ألسنة الآخرين (٣).

وقوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}: قال الحسن: أي: لَمِن أهل الجنة، قال تعالى: {وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ} [الأنبياء: ٨٦] قيل: في جنَّتنا (٤).


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (١٦/ ٣١٣).
(٢) في (ف): "من الأنبياء من".
(٣) في (ف): "على الألسنة".
(٤) "قيل في جنتنا" من (أ). ووقعت هذه العبارة في (ر) و (ف) قبل قوله: "قال الحسن".