للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا}: وهو القرآن {وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ}: وهو التوراة والإنجيل، وهو بيان مجادلةِ الأحسن؛ أي: قولوا لهم: كتابكم حكَمٌ بيننا وبينكم ككتابنا حكَمٌ علينا، وقد آمنا بالكتابين.

وقوله: {وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}: منقادون، فقد اتَّفقنا على اللَّه (١) الذي يستحق أن يُعبد ويطاع، وعلى الكتاب الذي أُنزل إليكم، فقد رضينا بحكمه كرضانا بحكم كتابنا، فلم يبق إلا الرجوع إلى قصة (٢) الكتاب، فهلموا نرجعْ إليه فيما اختلفنا من نبوة نبينا محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو موصوف في كتابكم بصفاتٍ لا توجد إلا في محمد عليه السلام، فما بقي بعد هذا إلا العِنادُ، والمجادلةُ على هذا الوجه مجادلةٌ بالأحسن.

وقيل: معناه: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ} إلا بالجميل {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}: إلا مَن ظلم رجلًا بحق له قِبَله فأنه يؤخَذُ بذلك الحق ولو بالإغلاظ (٣) له في القول.

وقيل: معناه ما روي في الخبر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "إذا حدَّثكم أهل الكتاب عن كتابهم فلا تصدِّقوهم ولا تكذِّبوهم، وقولوا: {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} " (٤).

* * *

(٤٧) - {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ}.


(١) بعدها في (ف): "هو".
(٢) في (ف): "قضية".
(٣) في (أ): "ولو بإغلاظ".
(٤) رواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٤٢٢)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٩/ ٣٠٧٠)، من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه، ورواه البخاري (٤٤٨٥)، لكن فيه: وقولوا: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية [البقرة: ١٣٦].