للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: معناه: لو كنتَ تقرأ الكتب لقالوا: أخذ القصص منها، ولو كنت تخطُّه بيمينك لقالوا: نظَمْتَه وألَّفْتَه من عندك.

وقيل (١): منعُ الخط والقراءة كان معجزةً له، وهما من الفضل لغيره، وقد أكرمه اللَّه بذلك في آخر عمره، وروى مجالد عن (٢) عون بن عبد اللَّه [عن أبيه] أنه قال: ما مات رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى كتب وقرأ (٣).

* * *

(٤٩) - {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ}.

وقوله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}: أي: القرآن، و {بَلْ}


(١) في (أ): "وقالوا".
(٢) في (أ) و (ف): "مجاهد عن"، وليست في (ر)، والصواب المثبت، ومجالد هو ابن سعيد، وقال عنه الحافظ في "التقريب": ليس بالقوي.
(٣) رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٤٢)، وما بين معكوفتين منه. قال البيهقي: (هذا حديث منقطع، وفي رواته جماعة من الضعفاء والمجهولين).
قلت: وقد نقل عن بعض العلماء القول بذلك، قال الآلوسي في "روح المعاني" (٢٠/ ٣٧٧): وممن ذهب إلى ذلك أبو ذر عبد بن أحمد الهروي، وأبو الفتح النيسابوري، وأبو الوليد الباجي من المغاربة، وحكاه عن السمناني، وصنف فيه كتابًا، وسبمَه إليه ابن منية، ولما قال أبو الوليد ذلك طعن فيه ورمي بالزندقة وسُب على المنابر، ثم عقد له مجلس فأقام الحجة على مدعاه وكتب به إلى علماء الأطراف فأجابوا بما يوافقه، ومعرفة الكتابة بعد أميته -صلى اللَّه عليه وسلم- لا ينافي المعجزة، بل هي معجزة أخرى لكونها من غير تعليم، وردّ بعض الأجلة كتاب الباجي لما في الحديث الصحيح: "إنا أمةٌ أميةٌ لا نكتب ولا نحسب"، وقال: كل ما ورد في الحديث من قوله: كتب، فمعناه أمر بالكتابة كما يقال: كتب السلطان بكذا لفلان. . .) إلى آخر ما قال، وقد استوفى رحمه اللَّه الكلام في هذه المسألة، واستوفينا في تحقيقنا له تخريج أحاديثه ومسائله وترجمة من ذكر من الأئمة فيه.