للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ}: أي: كما يخاف بعضُ الأحرارِ بعضًا أن ينفرِد بأمرٍ (١) مشتركٍ بينهم.

وقيل: تخافونهم أن يرثوكم بعد موتكم.

وهو استفهامٌ بمعنى التقرير؛ أي: فإذ لم يكن هذا هكذا فيما بينكم، بل لا يستحقُّ العبد شركةً مع سيده فيما يملكه، فكيف استجَزْتُم هذا المعنى في حقِّ اللَّه تعالى فأشركتُم به عبيده؟ وكيف رضيتُم له بما لا ترضونه لأنفسكم؟ وفي ذلك تسفيهٌ لأحلامهم وتعجيبٌ من فعلهم (٢).

قال قتادة: كما لا يرضى الإنسان أن يكون عبده مشاركًا له في فراشه وزوجه، كذلك لا يرضَى ربُّه أن يُعدَل به أحدٌ من خلقه (٣).

وقال أبو مِجْلَزٍ: تخافونهم في المال أن يقاسموكم إياه كما تخافون الشريك من نظرائكم (٤).

وقيل: معناه: هل تنبسط أيديهم في أموالكم وتخافون منهم إتلافَها كما تنبسط أيديكم فيما تملكون وتخافون من جهتكم إتلافها وإنفاقها.

وقوله تعالى: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}: أي: كما بيَّنَّا لكم هذا المثلَ وفصَّلنا لكم الحججَ، كذلك نفصِّل الآيات لقوم يرجعون إلى عقلٍ فيتدبَّرون فيها.


(١) في (أ): "فيما هو"، وفي (ف): "هما"، بدل: "أن ينفرد بأمر".
(٢) في (ف): "وتعجيب لفعلهم".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٤٨٩ - ٤٩٠).
(٤) رواه بنحوه الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٤٩١).