وقوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}: ثم عاد الكلام إلى ذكر الآيات، يقول: ومن الأعلام الدالة على قدرته إرسالُ الرياح {مُبَشِّرَاتٍ}؛ أي: بالمطر لأنها تتقدمه وتُطمع فيه على العادة، يُرسلها ليبشِّر بها {وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ}؛ أي: يرزقكم من نعمته التي يرحمُكم بها {وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ} في البحار {بِأَمْرِهِ} بهذه الرياح، ولتطلبوا {مِنْ فَضْلِهِ} بالتجارة في البحار والجهادِ فيها واصَلَ لكم هذه النعمة لتشكروا له عليها فتستحِقُّوا نِعَم الآخرة بشكركم على نعم الدنيا، وإذا كان فعَل ذلك ليستأديَهم شكرَه فلا بد من التمييز بين مَن أطاعه بذلك وبين مَن عصاه، وإذا لم يميز في الدنيا وقع ذلك في دار الآخرة (١)، وفي ذلك إثباتُ البعث.