للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رواية حفص (١): {إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ} على الجمع (٢)، وقرأ الباقون: {إِلَى أَثَرِ} على التوحيد، والمعنى واحد؛ لأن المراد: ما (٣) أثَّر المطر، وهو يؤدي معنى الجمع، فانظر إلى آثار رحمة اللَّه.

{كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: أي: فانظروا بعقولكم إلى ما أثَّره المطر من إنبات العشب (٤) وأصناف النبات كيف أحييتُ الأرض بذلك بعد أن كانت ميتة؛ أي: كيف اهتزَّت بعد أن كانت هامدةً، فاستدِلُّوا بذلك على أن الذي قدر على إحيائها يقدر على إحياء الموتى أيضًا لأنه قادرٌ على كل شيء.

* * *

(٥١) - {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ}.

وقوله تعالى: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ}: أي: ولئن أرسلنا ريحًا على ذلك مُفسدةً، فرأوا ما أثَّر المطر من الزرع قد اصفرَّ بتلك الريح المفسِدة، لظلُّوا من بعد استبشارهم يكفرون بربهم، وهو تعجيبٌ من جهلهم وخفَّةِ عقولهم في عبادتهم للَّه تعالى على شكٍّ؛ كما قال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} الآية [الحج: ١١].

وقيل: كانوا إذا استبطؤوا المطر سألوا اللَّه، فإذا حُبس عنهم كفروا باللَّه تعالى.


(١) في (أ): "قرأ ابن عباس وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص والمفصل"، ولعل الأول محرف عن (ابن عامر) والأخير محرف عن (المفضل). وانظر التعليق الآتي.
(٢) انظر: "السبعة" (ص: ٥٠٨)، و"التيسير" (ص: ١٧٥)، عن ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص.
(٣) في (أ): "ماء" وليست في باقي النسخ، ولعل الصواب المثبت.
(٤) في (ف): "من الإنبات للعشب".