للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (١): أي: وجيع، وجَمع في ختم الآيتين (٢) لأنه من جنسٍ أُريد به الجمع، فوحَّد في الابتداء للَفظه وجمعَ في الآخر لمعناه.

وقيل: المراد بالبشرى هو البشرى المعروف.

وقيل: المذكور في الآيتين هو النضر بن الحارث بن علقمة من بني عبد الدار، وهو الذي قُتل ببدر، وكان يتَّجر ويخرج إلى فارس، فيرجعُ بكتب الأعاجم ويقول لقريش: إن محمدًا يحدِّثكم بحديث عاد وثمود فأنا أحدثكم بحديث كسرى وبهرام (٣).

وقال مقاتل: كان يحدث قريشًا بحديث رستم وإسفنديار وكانوا يستملحون حديثه فيصدُّهم بذلك عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤).

وقيل: اللهو في هذه الآية: الغناءُ وما يتصل به من الملاهي، وكان منهم مَن يشتري القَينةَ تُلهيه وتغنِّيه، فيقطعُ بذلك أيامه ويُحسن الاستماع (٥) إليه، ويستكبر عن استماع مواعظ اللَّه تعالى، وهو قول ابن عباس ومجاهد (٦).

وروى أبو أمامة رضي اللَّه عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "لا يحلُّ بيعُ المغنيات ولا التجارةُ فيهن، وثمنهنَّ حرام، وإنما أنزلت هذه الآية في هذا {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي


(١) في (أ): "فبشرهم بعذاب أليم" وهو سهو فإن الآية هنا: {فَبَشِّرْهُ} بالإفراد. وانظر التعليق الآتي.
(٢) كذا في (أ) و (ف)، وسقطت الجملة من (ر)، والصواب أن الأولى فقط هي التي ختمت بالجمع، ولعل هذا الخطأ مبني على ما تقدم في النسخة (أ) من مجيء (فبشرهم) بالجمع فيها.
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (١٧/ ١٨٢)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٥٩١٤)، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٧/ ٣١٠) عن مقاتل والكلبي، وهو قطعة من خبر ابن عباس السابق.
(٥) في (أ): "الاستمتاع".
(٦) رواه عنهما الطبري في "تفسيره" (١٨/ ٥٣٤ - ٥٣٨)، ورواه أيضًا عن ابن مسعود وجابر وعكرمة.