للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أي: أنعم عليكم نعمًا {ظَاهِرَةً} تَظهر وتُشاهد {و} نِعمًا {باطنةً} لا تَظهر للأبصار ولا تشاهَد.

فالظاهر: ما يُرى على العبد من نعمة الجمال والمال، وحُسن الصورة، وسعة العيش، وتمام الجاه، وثناء الناس، والعلم والمعرفة بالأمور، والتوفيقِ للإيمان والأعمالِ الصالحة.

والباطن: ما يجده الإنسان في نفسه من الاستبصار في دينه، والعلمِ بربِّه (١)، وما يستره اللَّه من عيوبه وذنوبه، وما يدفع اللَّه عنه من بليَّاته، وما يُنعم اللَّه عليه في دينه ومصالحِ دنياه مما لا يقف على كُنْهه، فهذا باطن عن المنعَم عليه وعن سائر الناس.

ومَن قرأ {نعمةً} على الوحدان فقد قال المفسرون: هي نعمة الإسلام؛ هي ظاهرةٌ بالإقرار وباطنةٌ بالتصديق، ويجوز أن يكون هذا الواحدُ دلالةً على الجمع كما يقال: خوَّله اللَّه مالًا.

وفي النعمة الظاهرة والنعمة (٢) الباطنة أقاويلُ كثيرة، ونحن ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم بكتاب (٣) "بحر علوم التفسير على نحو رسوم التذكير" عند قوله: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ثلاث مئة قول على البسط والتطويل، ونذكر ها هنا بعضها على الاختصار فنقول:

قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: هذا من مخزوني الذي سألتُ عنه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلت: يا رسول اللَّه، ما هذه النعمة الظاهرة والباطنة؟ فقال: "يا ابن عباس، أما


(١) في (ف): "والعمل به" وفي (ر): "والعمل لربه".
(٢) "النعمة" من (ف).
(٣) "الموسوم بكتاب" ليس في (ف).